7. هل يمكننا تجربة شيء مختلف؟ استراتيجيات الاتصال الخلاقة
ليست السياسة والانتخابات بمسألة يُستهان بها. فغالباً ما ينطوي الدفع باتجاه التقدّم الديمقراطي على خوض مجازفات كبيرة، وتهديدات، لا بل مخاطر على منظمتك، و-في بعض الحالات- على سلامتك الشخصية أيضاً. لكن لمجرد أنّ موضوع عملك ونتائجه جديّة، فهذا لا يعني أنه يجدر بها أن تكون مكثّفة أو مملة.
بشكل عام، لا يحبّ الأشخاص من يعظهم أو يذكّرهم بمدى تردّي الأوضاع، بل يفضّلون الضحك والاستمتاع. لذا، إذا كان باستطاعتك استخدام الفكاهة، والترفيه، والثقافة الشعبية، والتجارب الشخصية، كطريقة لتقديم المعلومات المهمة والجدية، ستكون لديك حظوظ أكبر في إيجاد آذان صاغية، ومن الأرجح أن يتذكّر جمهورك المعلومات التي تحاول إيصالها له.
الاستفادة من قوة الفن والثقافة الشعبية
لا تنفكّ الثقافة الشعبية تعلّمنا عن الأمور التي يقدّرها مجتمعنا وما هو دورنا في ذلك. في بعض الأحيان، تتطرّق الثقافة الشعبية بشكل واضح وصريح إلى السياسة، بينما تكتفي في أحيان أخرى بالتعليق الضمني على السياسة، والأخلاقيات، والقيم التي نتشارك فيها أو نطمح إليها. ولعلّ القوة الحقيقية للثقافة الشعبية، بالإضافة إلى قدرتها على تعليمنا دروساً، تكمن في ذلك الجزء الشعبي بالذات. فاستناداً إلى التعريف المعتمد، الثقافة الشعبية تستهلكها الجماهير العريضة. فإذا كان بإمكانك الغوض في سرديات هذه الثقافة، لا بل إذا كان بإمكانك المشاركة في تنقيحها وصياغتها، فستنجح في التواصل بشكل مفيد مع هذه الجماهير العريضة.
من الصعب جداً إلهام الأشخاص بالعمل من أجل التغيير عندما لا يستطيعون تصوّر كيف سيكون شكل هذا التغيير أو نتائجه. ينطبق هذا الأمر بشكل خاص في المجتمعات والأماكن المغلقة، حيث ما تزال الديمقراطية مفهوماً جديداً، وانتقالياً، وهشاً، أو ما زال التقليد الديمقراطي حديث العهد. ففي بيئة كهذه، قد لا يتمكن الأشخاص من التصور بشكل مناسب كيف ستتغير حياتهم إذا كانت حكومتهم خاضعة لدرجة أكبر من المساءلة. في هذا الإطار، يمكن دمج استراتيجيات الثقافة الشعبية في حملات الاتصال الخاصة بك، خاصة وأنها ستكون طريقة فعالة لإثبات قيمك وتعليمها للآخرين بشكل عملي، أو التصدي للروايات الشائعة التي قد تضرّ بقضيتك أو تضعفها. من هنا، يجب العمل على الصور، والكلمات، والحوارات بإتقان لعرض الظروف المحسّنة التي يمكن أن يحملها معه التغيير، عوضاً عن الاكتفاء بالتركيز على فضح المساوئ الحالية.
ما هي الحملة الثقافية؟
هناك عدد من الطرق لدمج استراتيجيات الثقافة الشعبية في خطة الاتصال الخاصة بك. تذكّر أنّ الثقافة الشعبية تتعدى الحدود الوطنية في حالات كثيرة، وبالتالي قد تتمكّن من الاستعانة بشخصيات من خارج بلدك لمساعدتك في جهودك، وهو أمر مهم جداً في المجتمعات المغلقة.
- أثن على الروايات أو التوجهات الإيجابية في مجال الفنون أو الثقافة الشعبية التي تعكس رسائلك، أو انشرها وعززها.
- صحّح الروايات أو التوجهات السلبية أو المضرة في مجال الفنون أو الثقافة الشعبية التي تقوّض إمكانية التقدم الديمقراطي، أو تصدَّ لها.
- اعمل مباشرةً مع فنانين، وكتّاب، وممثلين، أو مبدعين آخرين لصياغة روايات تعزز الإطار والرواية اللذين تعتمدهما في مرحلة الإنتاج.
- تفاعل مع أفراد جمهورك من خلال نسج روابط مستوحاة من الحياة الواقعية، تتّصل بالفنون أو الثقافات التي تستهويهم، أو إعطائهم فرصاً لتوجيه شغفهم نحو العمل الحقيقي.
- اطلب من ملحنين وموسيقيين تلحين أغانٍ لحملتك، ومن منتجين سينمائيين إنتاج فيديوهات قصيرة، ومن ممثلين التمثيل في إعلان أو فيديو، ومن فنانين تصميم ملصق أو لوحة جدارية إلخ. لحملتك.
- اطلب من شخصيات شهيرة الانضمام إلى حملتك كناطقين باسمها أو كناقلين أمناء لرسالتها، واستعن بهم لتعزيز أثر رسائلك من خلال عروضهم وحضورهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
- اطلب من الجمهور نشر مساهماته في مجال الثقافة الشعبية أو إرسالها إليك دعماً لجهودك.
كما هي الحال بالنسبة إلى استراتيجياتك الأخرى، يجب أن تكون أي استراتيجية أو تكتيك تختاره ضمن إطار الثقافة الشعبية موجوداً لخدمة أهدافك الأوسع. فإذا طلبت من شخصية شهيرة أن تكون الناطقة باسم حملتك، لكنّ هذه الشخصية لا تتمتع بشعبية كبيرة في أوساط جماهيرك الأساسية، أو لا تبدي استعداداً للالتزام بالرسالة، فلن يستحق الأمر العناء. أما إذا ازداد شعور الأشخاص بالسخرية واللامبالاة إزاء الديمقراطية، كون كافة البرامج التلفزيونية والأفلام تصوّر التلاعب في الانتخابات وفساد السياسيين، فلعلّه من الأفضل أن تتعاون مع فنانين وممثلين لصياغة روايات مضادة تشدّد على منافع المشاركة وأهمية التصويت. فضلاً عن ذلك، يمكنك دعوة الجمهور إلى نشر أو إرسال مساهمات إلى حملتك ذات صلة بالثقافة الشعبية بهدف مكافحة هذا الشعور بالسخرية واللامبالاة، مع أنه من الضروري في هذه الحالة تحديد أفضل السبل لتصفية تعليقات المتصيّدين عبر الإنترنت وغيرهم من العناصر الخبيثة التي قد تحاول تقويض جهودك. من شأن كل ذلك أن يرسّخ الإطار الذي تعتمده ويرسي أساساً يسهّل عليك إنجاز بقية عملك.
حان دورك: السياسة والثقافة الشعبية
خصّص بعض الوقت للتفكير ملياً في أشهر البرامج التلفزيونية، والأفلام، والكتب، والأغاني، والمشاهير في بلدك. تمعن في هذه القائمة، ثم اطرح على نفسك الأسئلة التالية:
بالنسبة إلى الروايات التي ترسّخ رسالتك وإطارك- لا سيما تلك التي تلقى رواجاً لدى جماهيرك المستهدفة- كيف يمكنك تعزيز هذه الأجزاء من الثقافة الشعبية وإشراكها؟ هل يمكنك ربط عملك ورسالتك بالطرائق المعتمدة في الثقافة الشعبية؟ هل يمكنك التفاعل بشكل صادق مع المعجبين بشأن تأثير ذلك في الحياة الواقعية؟ هل يمكنك استقطاب نجوم أو ناطقين باسم المنظمة للانضمام إلى حملتك أو التنسيق معك بطريقة أو بأخرى؟
أما بالنسبة إلى الروايات التي تناقض رسالتك وإطارك أو تقلّل من قيمتهما، فكّر في كيفية عرض الروايات المضادة أو الطعون التي تدحض كل ما هو مضرّ. فهل يمكنك العمل مع المؤلّفين مباشرةً لتغيير طريقة عرض قضايا ضمن الثقافة؟ هل يمكنك استقطاب الممثلين أو الفنانين المعنيين ليكونوا ناطقين رسميين باسم قضيتك، بهدف دحض بعض من الرسائل المضرة في عملهم؟ هل يمكنك إجراء محاكاة ساخرة أو مسرحية تتناول الرواية الأصلية كي تتمكن من عرض وجهك نظرك أو أفكارك بدلاً من ذلك؟
نصائح للتعاون مع الفنانين والمعجبين
يعني العمل في الشأن السياسي أو في منظمة غير حكومية أنّ تعاملك مع الفنانين وغيرهم من الأشخاص المبدعين يبقى محدوداً. في ما يلي بعض النصائح لنسج علاقات مثمرة معهم تكون مفيدةً لكلا الطرفين:
- دع الفنانين يطلقون العنان لفنّهم. تقوم وظيفة الفنان على الإبداع والابتكار في سياق عمله، ويجدر بك أن تمنحه الفسحة اللازمة للقيام بذلك. لا تحاول أن تملي عليه كيفية القيام بعمله. اسمح له بعرض أفكاره حول أفضل الطرق للاستفادة من مواهبه. إذا بدت لك فكرته غريبة أو مبهمة في بداية الأمر، أصغِ إليه. لمجرّد أن الفكرة لا تريحك أو تبدو مغايرة لعاداتك، فهذا لا يعني أنها فكرة سيئة. لا تحاول كبح جماحه أو تغيير رؤياه، إلا إذا كان اقتضت الضرورة.
- وقت الفنان ثمين. يُعتبر الفنانون وغيرهم من المبدعين محترفين يتقاضون أجراً مقابل أفكارهم؛ فلا تفترض أنهم سيقدّمون لك خدماتهم من باب التطوّع. استعدّ لعرض المقابل المادي عليهم وسدّده بحسب سعر السوق. إذا كنت لا تستطيع تكبّد ثمن عملهم، اسألهم عما إذا كانوا لا يمانعون التطوّع بخدماتهم أو منحك حسماً معيّناً في الأسعار، لكن يجب أن تدرك أنك، بذلك، تطلب منهم الكثير، فعامل وقتهم باحترام وتقدير حتى وإن كنت لا تدفع أجرهم مباشرة.
- تعاون معهم ولا تملي عليهم الشروط. يتمتع كلّ منكما بمجموعة مختلفة من المعارف التي يمكن أن تعود بالفائدة على الحملة. لذا، شكّل شراكة تعاونية مع الفنان، يساهم كلٌّ منكما، بموجبها، في دعم عمل الآخر، ولا تحاول أن تجعله يمتثل لأفكارك المكوّنة سلفاً.
في بعض الأحيان، قد تنطوي خطتك على التواصل مع جماعات المعجبين وتنظيمهم. والمعجبون، في هذه الحالة، هم مجموعات منظّمة ذاتياً من الأشخاص الذين يحبّون فيلماً معيّناً، أو كتاباً، أو قصة مصوّرة، أو برنامجاً تلفزيونياً، أو فناناً، أو موسيقياً، أو فريقاً رياضياً إلخ. تتشكّل جماعات المعجبين غالباً عبر الإنترنت على منصات معيّنة أو استناداً إلى هاشتاغات محددة، كما يمكن أن يجتمعوا شخصياً للاستمتاع بعروض، أو مشاهدة مباريات، أو المشاركة في مؤتمرات. تُطوّر هذه الجماعات، في أغلب الأحيان، عاداتها ومفرداتها ومعاييرها الخاصة. من الأمثلة على ذلك قيام المعجبين بفيلم “الفهد الأسود” (بلاك بانتر) (وهو فيلم شهير عن بطل خارق تجري أحداثه في بلد أفريقي خيالي اسمه “واكاندا”) بتنظيم حملة “واكاندا التصويت” هدفها تسجيل الأشخاص القادمين لمشاهدة الفيلم للتصويت. لم تهدف الفكرة إلى مشاهدة فيلم عن بلد خيالي نشأ بفضل قوة الشعب الأسود فحسب، بل إلى بناء قوة السود في العالم الحقيقي أيضاً.
إذا كنت تنوي التواصل مع مجموعات المعجبين، إليك بعض النصائح العملية التي ينبغي أخذها في الاعتبار:
- كن معجباً أنت أيضاً. إذا كنت تريد التحدث مع مجموعات المعجبين بشأن فيلم، أو برنامج تلفزيوني، أو كتاب، أو موسيقي، كن معجباً بهذه الاحتمالات أنت أيضاً! فالمعجبون يكنون ولاءً شديداً للموضوع الذي يحبّونه، إن لم نقل شغفاً كبيراً. فلا تبدأ بانتقاد النواقص أو الإشارة إليها، بل اطرق بابهم مبدياً إعجابك الفعلي والحقيقي.
- صغِ. خصّص بعض الوقت للإصغاء إلى المعجبين لفهم كيف يتفاعلون مع بعضهم، وما هي الإشارات والدعابات الداخلية التي لا يفهمها إلا هم، وما أكثر ما يحبّونه بشأن الموضوع الذي يكنّون له إعجاباً. لا بأس باستراق النظر إليهم على الإنترنت أو في اجتماعاتهم لفترة، مكتفياً بالقراءة أو الإصغاء لتكوّن فكرةً عن النبرة والمواضيع التي ينبغي استخدامها عندما تصبح جاهزاً للتفاعل معهم.
- تفاعل معهم بصدق. لا تحاول دوماً أن تقحم نقاط الكلام الخاصة بك أو عنوان موقعك الإلكتروني في الحديث، بل تفاعل مع المعجبين بصدق وافتح معهم حواراً حقيقياً. استخدم رسالتك عندما تشعر أنّ هذه الحركة ستكون عفوية وغير مصطنعة.
قوّة الكوميديا
هذا القسم، بدرجة كبيرة، على عمل كايتي بوروم شاتو والنتائج التي توصّلت إليها من خلال تقرير: The Laughter Effect.
لا يخفى عليك أنّ استخدام الفكاهة والكوميديا في اتصالاتك قد يساعد رسالتك على كسر الحواجز والبقاء عالقةً في ذاكرة الأشخاص- حتى وإن لم تكن القضايا نفسها مبهجة أو باعثة على الفكاهة.
يمكن للكوميديا أن تساعد في التغلب على ثغرتين تشوبان بعض الرسائل: أي الرسائل التي تكون معقدة جداً وتلك التي تكون بائسة أو ميؤوس منها. في بعض الأحيان، يصعب فهم قضايا الديمقراطية، كما تكون التفاصيل المحيطة بها متخصصة ومغالية في تقنيتها غالباً، كأهمية إصلاح قانون الانتخابات مثلاً. فالقانون الانتخابي هو الذي يميّز بين انتخابات ذات مصداقية وأخرى مزوّرة، لكن ما إن تبدأ بالحديث عن الإطار القانوني، قد يُصاب الناس بالملل ويتوقفون عن الإصغاء إليك. هذا من جهة. أما من جهة أخرى، فهناك أيضاً خطر أن تبدو الأوضاع التي تريد معالجتها، لا سيما في المساحات المغلقة، بائسةً وميؤوساً منها، بحيث لا تحمل الرسالة إلا أخباراً سيئة. وعندما يشعر الأشخاص باليأس، سيتوقفون، في هذه الحالة أيضاً، عن الإصغاء إليك. فهم لا يريدون من يذكّرهم بسوء الأوضاع وبأنّ الطريق إلى الأمام شاقة ووعرة.
لعلّ قوة الكوميديا تكمن في أنها تضفي طابعاً إنسانياً وتولّد عواطف إيجابية بشأن شيء كان ليعتبر مملاً، أو معقداً جداً، أو ميؤوساً منه لو لم يكن من ذلك.
أظهرت الأبحاث أنّ الأشخاص يتعاملون مع المعلومات التي اكتشفوها من خلال الكوميديا بجدية. فمن خلال التعبير عن موضوع معيّن والمعلومات المحيطة به بالفكاهة، تصبح العقول أكثر انفتاحاً وجهوزية لاستيعاب المعلومات الصعبة أو المعقدة. في هذا الإطار، يُعتبر الفنانون الكوميديون غالباً رسلاً مؤتمين على رسائلهم، حيث يُنظر إليهم على أنهم يقولون الحقيقة أو يسخرون من أنظمة القوى. وهذا يجعل من الكوميديا استراتيجية فعالة لتعريف الناس على القضايا التي كانت، لولاها، لتكون معقدة جداً، أو مملة، أو باعثة على التشاؤم، وجعلهم يهتمون بها، ويتّخذون التحركات بشأنها.
بطبيعة الحال، لا تكون المقاربة الفكاهية أو المبهجة مناسبةً في سائر الأوقات. لكن غالباً ما يتمّ الاستخفاف بهذه المقاربة، مع أنها من الفعالية ما يجعل من الضروري التفكير فيها والاستعانة بها عند الاقتضاء.
للصيغة والشكل دور مهمّ
تتعدّد طرق استخدام الفكاهة في اتصالاتك. تخدم كل طريقة هدفاً مختلفاً وتعبّر عن جوانب مختلفة من رسالتك. لذا، لا يكفي أن تقرّر أنك تريد دمج الفكاهة في رسالتك، بل ينبغي التفكير ملياً وتحديد أي نوع من الفكاهة يُعتبر ملائماً للسياق، ويخدم أهدافك على أفضل نحو.
- الأخبار التهكمية. تشير الأخبار التهكمية إلى ما يُعتبر سخيفاً أو منافياً للمنطق وتعيد تأطيره. لكي تنجح، يجب أن يكون جمهورك متآلفاً مع الوضع الذي تتم السخرية منه، وإلا فلن يفهم المغزى ولن يجده مضحكاً. التهكّم جيد لتحفيز قاعدة الناس الذين يدعمونك في الرأي، لكن من المرجح أن ينفّر ذلك الأشخاص الذين لا يتفقون معك في الرأي أو يبعدهم عنك.
- سرد القصص الكوميدية المرتكزة على سيناريو . تُعتبر القصص المضحكة القائمة على سيناريو- كالبرامج التلفزيونية، وإعلانات الخدمة العامة، والأفلام، والفيديوهات الإلكترونية إلخ.- أداةً عظيمةً لنسج العلاقات بين المشاهدين والشخصيات. فمن شأن هذا التفهم أو التعاطف أن يساعد في تعميم التجارب غير المألوفة، ويعرّف المشاهد على أشخاص أو أوضاع قد لا يصادفونها عادةً.
- الإعلانات الفكاهية. من شأن إضحاك شخص ما في مدة قصيرة أن يستحوذ على انتباهه ويجعله يتذكّر ذلك لوقت طويل. في هذا الإطار، تساهم الإعلانات الفكاهية- أفي الإعلام المكتوب، أم الإلكتروني، أم التلفزيوني، أم الإذاعي- في جذب اهتمام الأشخاص بسرعة، كما يمكن أن تعلق في الذاكرة لوقت طويل. فضلاً عن ذلك، قد تشعل شرارة النقاش والتشارك بين أفراد الأسرة والأصدقاء.
- الكوميديا الارتجالية والاسكتشات. قد يكون هذا النوع من الكوميديا مدخلاً إلى مواضيع أطول، ويساعد الناس على تقييمها بعين ناقدة، ويكسر المحظورات.
تعمل الكوميديا بشكل أفضل عندما يحب الناس الممثل الكوميدي أو يثقون به. اختر رسولك بحكمة لتحقيق أقصى تأثير. يجب أن تكون الكوميديا الخاصة بك مضحكة أيضًا (يبدو هذا واضحًا ولكن من الصعب جدًا القيام به). يمكن أن تساعدك الشراكة مع ممثل كوميدي محترف أو متمرس في التأكد من أنك مرح وبالتالي ناجح.
طريقة عمل الكوميديا
هناك خمس طرق أساسية تؤثّر من خلالها الكوميديا على جمهورك:
- جذب الاهتمام. يمكن للكوميديا أن تجذب اهتمام الجماهير الجديدة وتحافظ على هذا الاهتمام.
- زرع المشاعر. يمكن أن تزرع فينا الكوميديا مجموعة متنوعة من الانفعالات وتجعلنا نتعاطف ونفهم تجارب مختلفة عنا.
- كسر الحواجز الاجتماعية والتابوهات. يمكن أن تعرّف الكوميديا جمهوراً أوسع على تجارب الشعوب المهمّشة بطريقة لا تنطوي على التهديد وتساعد في تعريف الجماهير على شعوب أو أفكار جديدة من دون تهميشهم.
- إتاحة موطئ قدم للقضايا المعقدة. يمكن للكوميديا أن تمهّد الطريق وتفتح العقول للتعمق في القضايا المعقدة. فالضحك يتيح للأشخاص مواصلة تفاعلهم وانتباههم في ظل ظهور معلومات أو مفاهيم جديدة.
- التشارك مع الآخرين وتكوين حسّ جماعي. يحب الأشخاص الضحك بمشاركة آخرين، كما يحبّون تشارك ما أضحكهم مع الآخرين. من هنا، بالإضافة إلى نشر رسالتك، من شأن الضحك على شيء ما مع شخص آخر أن يوطّد العلاقة بينكما ويوجد حساً مجتمعياً يرتقي فوق الانقسامات الإثنية، أو الطبقية، أو السياسية.
حان دورك: الرسالة الرئيسية
عد إلى رسالتك الأساسية والرسائل ذات الصلة في خطة الاتصالات الخاصة بك. هل من رسائل أو مفاهيم يصعب شرحها، أو تُعتبر معقدة جداً، أو مملة، أو بائسة جداً وميؤوس منها؟
إذا صحّ ذلك، فكّر في طرق يمكنك فيها الاستعانة بالفكاهة للتعبير عن هذه الرسائل. في ما يلي بعض الأسئلة لمساعدتك على الانطلاق:
التعلّم التجريبي والاتصال
التعلّم التجريبي هو عملية اختبار أمر جديد، ثم التفكير في تلك التجربة لاكتساب معارف جديدة أو استخلاص دروس أكبر. يُستخدم في العادة داخل الصفوف الدراسية أو في برامج التدريب المهني، وإذا ما استُخدم بشكل مبتكر، يمكن تطبيق المبادئ نفسها على أي حملة للاتصالات.
في بعض الحالات، قد يختبر جمهورك تجربةً جديدةً من دون تدخل منك، لكن يمكنك المساعدة في إغناء مرحلة التمعن والتفكير في تلك التجربة، لكي يتعلّم الأشخاص دروساً جديدة. مثلاً، إذا كان الناس يتوافدون على مراكز الاقتراع، وكان هناك مرشّح واحد فقط على ورقة الاقتراع (أو مرشّح مؤهل واحد فقط)، فقد يصوّتون لهذا المرشّح (التجربة) من دون التفكير في ذلك ملياً، لأنّ الأمر لطالما كان على هذه الحال، أي وجود مرشّح واحد على ورقة الاقتراع (لا تمعن وتفكير). عوضاً عن ذلك، يمكنك توجيه تواصلك نحو التفاعل مع الناخب قبيل تجربة الاقتراع أو بعدها بقليل، لإضفاء سياق على هذه التجربة وتشجيعه على التمعن فيها. فلمَ تضمّ بطاقة الاقتراع مرشّحاً واحداً فقط؟ هل يمكن تنظيم انتخابات ذات مصداقية من دون وجود عامل الخيار؟ كيف ستختلف البلاد إذا كان الاقتراع ينطوي على عملية اختيار حقيقية؟
قد يحدث هذا النوع من التواصل من خلال أي من المنصات أو الصيغ التي تمّت مناقشتها. على سبيل المثال، قد تقدّم حلقة مباشرة على “فايسبوك لايف” بعد وقت قصير على الانتخابات، حيث تطرح أسئلة على الجمهور وتطلب من الأشخاص المساهمة بآرائهم وردود فعلهم بشأن تجربة التسجيل للتصويت. فضلاً عن ذلك، يمكنك نشر إعلانات رقمية أو في الصحف هدفها التحفيز على التفكير في التجارب المشتركة التي اختبرها الجمهور أثناء التصويت. كما يمكنك أيضاً تنظيم منتديات مجتمعية أو الطواف من باب إلى باب لإجراء محادثات معمّقة، يطلعك فيها الأشخاص على تجاربهم على امتداد فترة الانتخابات، ويفكّرون، من خلال المناقشة الموجّهة، في تلك التجارب لاستخلاص دروس أكبر عن الديمقراطية، والانتخابات ذات المصداقية، أو المساءلة في الحكم.
في حالات أخرى، قد لا يكون أعضاء جمهورك قد اختبروا التجربة بأنفسهم، وبالتالي سيعود إليك أن تحفّز هذه التجربة من أجلهم، أو توجد نوعاً من الصلة التخاطرية بالتجربة. على سبيل المثال، يمكنك أن تنظّم لعبة تمثيلية بسيطة، تطلب فيها من المشترك تمثيل دور ناخب مصاب بإعاقة جسدية. وسيكون على الممثل أن يقرر، عند كل حاجز يصادفه في العملية، ما العمل أو كيفية التصرف في هذه الحالة. فإذا صادف سلالم عند مدخل مركز الاقتراع، يختار إما أن يطلب المساعدة من الآخرين لحمله وإما ألا يصوّت في ذلك النهار ويعود إلى بيته. من خلال إجبار الأشخاص الأصحاء جسدياً على اتّخاذ خيارات من وجه نظر الناخب المعوّق، قد يدفع ذلك المشارك إلى التفكير في أهمية توفير مراكز اقتراع يسهل الوصول إليها من قبل أصحاب الإعاقات، وهو أمر من المحتمل ألا يكون قد فكّر فيه كثيراً في الماضي.
يمكنك الوصول إلى نتائج مماثلة بواسطة الفيديوهات، أو تقنية الواقع الافتراضي، أو عرض باوربوينت، أو مسابقات إلكترونية، أو مقالات مكتوبة بضمير المتكلّم، هدفها تمكين الجمهور من اختبار تجربة مختلفة عن تجربته. احرص على تنظيمها بطريقة تفسح المجال أمام التفكير ملياً في هذه التجربة لزيادة فرص حفظ الجمهور للمعلومات التي استخلصها.
إذا استخدمت أياً من هذه المقاربات، من الأفضل تجهيز مجموعة من الخطوات الفورية تُطبّق بهدف توجيه الأشخاص نحو الاستفادة من حماسهم ومعارفهم الجديدة عملياً. ومنها خطوات بسيطة كقيامهم بتسجيل أسمائهم في قائمة من عناوين البريد الإلكتروني للحصول على التحديثات والإخطارات، وخطوات أخرى أكثر التزاماً كالاحتجاج لدى لجنة الانتخابات بشأن مراكز الاقتراع التي يصعب على ذوي الإعاقة الوصول إليها. مهما يكن من أمر، تأكّد من تحرّك الأشخاص بناءً على التجارب التي اختبروها للتوّ والمعلومات التي استخلصوها.
حان دورك: تجارب الجمهور
هل من تجارب سيختبرها جمهورك أو ينبغي أن يختبرها قد تعلّمه دروساً قيّمة بشأن عملك ومهمّتك؟ فكّر ملياً في ما يمكن أن تكون هذه التجارب:
بالنسبة إلى كل تجربة، قرّر ما إذا كان من المرجح أن يختبرها جمهورك بنفسه، أم أنك بحاجة إلى تحفيز حدوثها بطريقة أو بأخرى.
إذا كان الجمهور سيختبر التجربة بنفسه، كيف ستشجعه على التفكير فيها ملياً والتصرّف بناءً على ذلك؟ أما إذا كان لن يختبرها بنفسه، فما هي الطرق الفعالة لتحفيز هذه التجربة وتشجيعه على التفكير فيها ملياً؟
تبادل قصص الأشخاص
كما تمّت مناقشته أعلاه، السرد أداة قوية للتواصل مع جمهورك على المستوى العاطفي، وإخباره عن قصة عملك، أو منظمتك، أو النتائج التي توصلت إليها. في هذا الإطار، تتعلق المقاربات السردية الموجزة في الفصل الرابع، غالباً، بالقصص التي قمت بإعدادها أو التفتيش عنها بنفسك، وبالتالي تلك التي يمكنك التحكّم بنمطها السردي بدقة.
ضمن إطار الاستراتيجيات ذات الصلة، من الأدوات القوية جداً الاستماع إلى أشخاص مختلفين وهو يروون تجاربهم أو قصصهم الشخصية. فمن شأن جمع الفيديوهات التي ينشرها المستخدمون، وتنظيمها، أن يعكس تنوّع التجارب والأفكار عن مختلف القضايا، ويزيد من فرص شعور الجمهور أنّ أحدها، على الأقل، يخاطبه شخصياً. كما يمكن لهذه الصيغة أن تشجع الجمهور على التعلم عن مجموعة متنوّعة من التجارب وتحثه على التعاطف مع مختلف الأشخاص ووجهات النظر.
لكن قد يصعب تنفيذ هذه الاستراتيجية لأسباب مختلفة. فلا بدّ أولاً من أن يكون في جعبة الأشخاص قصة لافتة أو مثيرة للاهتمام. كما يجب أن يشعروا بما يكفي من الأمان – العاطفي والجسدي- لإطلاعك عليها. فضلاً عن ذلك، يجب أن يتمكّنوا من استخدام الجوانب التقنية التي تمكّنهم من إرسال قصتهم بسهولة (إذا تطلّب الأمر استخدام معدّات خاصة، أو اتصال قوي بالإنترنت إلخ.). أخيراً، يجب أن يكون موظفوك قادرين على التحقق من القصص وتنظيمها، حالما تصل إليهم. صحيح أنك تريد أن تعرض مجموعةً متنوّعةً من التجارب والانفعالات، لكن لا بدّ من أن تندرج هذه القصص ضمن إطارك العام، وأن تعزز رسالتك، وألا تساهم- على أقل تقدير- في نمو خطاب الكراهية أو الاستغلال.
إذا كان بإمكانك التغلّب على هذه التحديات، فستكون المنافع عظيمة. لا يخفى عليك أنّ الأشخاص يحبون سرد القصص والإصغاء إليها. زد على أنّ عرض مجموعة متنوّعة من القصص الشخصية قد يولّد إحساساً بالتعاطف، والتفهم، والالتزام، بدرجة لن ترقى إليها البيانات، والرسائل، ونقاط الكلام أبداً. بالإضافة إلى ذلك، تقدّم هذه الاستراتيجية إلى الأشخاص العاديين طريقةً للمشاركة والشعور بأنّ قصصهم وتجاربهم أصبحت جزءاً من مجتمع أكبر. ولا ريب في أنّ معرفة أنك لست وحدك في طريقة تفكيرك أو تجاربك يولّد صيغةً قويةً من الحسّ المجتمعي الذي سيعزز التزام الأشخاص بعملك وقضيتك.
فكّر في استخدام هذه الاستراتيجية عندما تعتقد أنّ مجموعةً متنوّعةً من القصص ستعزز رسالتك الأساسية وإطارك العام، أو عندما يتعزّز سلوك أو نتيجة بفضل مجموعة النظراء التي تحيط بشخص ما. على سبيل المثال، فلنقل إنك تريد تعزيز المشاركة في العملية الاقتراعية في أوساط الشابات أو الشبان ما بين 18 و25 سنة. فإذا كانوا لا يصوّتون لأنهم يعتقدون أنّ هذه الخطوة لا تحاكي الموضة أو لا تستحق العناء، فمن الأرجح ألا تتمكّن من إقناعهم من خلال الفيديوهات، والتصريحات، والرسوم البيانية الصادرة عن مجموعة مراقبة الانتخابات. أما إذا منحتهم فرصة التعمّق في 100 فيديو عن شابات وشبان آخرين يسردون قصصهم الشخصية عن أول مرة اقترعوا فيها، وما هو الشعور الذي اختبروه حينها، فمن الأرجح أن يثق جمهورك أكثر بهذه الروايات الصادقة. وسيرغبون حينذاك في الانتماء إلى مجتمع يصوّت، على غرار مجموعات الأشخاص في الفيديوهات.
في بعض الحالات، قد تفضّل طلب القصص وتجميعها بنفسك. وهي مقاربة جيدة إذا كنت تريد أن تبدو جميعها مماثلةً من حيث الشكل (يمكنك في هذه الحالة التحكّم بطريقة التصوير)، أو إذا كنت تريد تلقي قصصاً من فئة معيّنة من الأشخاص وتريد تسهيل المهمّة عليهم. لكن من سلبيات هذه الطريقة أنك ستحتاج إلى تخصيص ما يكفي من وقت الموظفين والمهارات لتحديد رواة القصص، وتصويرهم أو تجميع قصصهم بطريقة أخرى، ثم إجراء المونتاج وإنتاج النسخة النهائية.
ومن الطرق المتاحة أيضاً تمكين المستخدمين من إرسال قصصهم الخاصة. سيؤدي ذلك طبعاً إلى مجموعة أوسع من القصص والتجارب، لكنها ستختلف من حيث نوعيتها، وستبقى بحاجة إلى تخصيص ما يكفي من وقت الموظفين لضمان أنّ القصص المعروضة تخدم مهمّتك.
مهما كان قرارك على صعيد طلب القصص وتجميعها، يجب أن تفكر في كيفية عرضها، وكيف سيصل إليها المشاهدون، وماذا تأمل من الجمهور أن يفعل حالما يصغي إليها. حريّ بك أيضاً إضافة بند حول إخلاء المسؤولية القانونية يوضّح كيف يمكن نشر القصص وتبادلها، ومن يمكنه فعل ذلك، وكيف يمكن استخدامها.